2017-12-21

موظف فوق الخمسين

الموظفين ليسوا كالسلع التى تـتـقادم مع الزمن.

هذا الموضوع مترجم من مقال لاحدى الكاتبات الامريكيات، ولهذا فهو يعكس واقع المجتمع الغربى، ومن الممكن ان يكون لا يمثل واقع مجتمعنا العربى. ولكنه مترجم للافادة.

"إنه قد تجاوز الخمسين عاماً. إن عمره كبير جدا لكى يشغل هذه الوظيفه".

كانت هذه كلمات مدير الموارد البشرية بعد مقابلة عمل اجريناها سويا لأحد المتقدمين لشغل وظيفة فى الشركة. وأستطرد قائلاً: "إنه لن يتناغم مع ثقافة شركتنا". 

كان هذا الموظف قد أحيل
إلى التقاعد من شركته السابقة بسبب إعادة الهيكلة التى أزاحته عن العمل لأنه تجاوز ال 53 عاماً. 

إن التمييز على اساس العمر هو شئ شائع جداً فى مجال العمل. إننا نسمع العديد من صيحات الاستهجان ضد كل أنواع التمييز، مثل التمييز على اساس لون البشرة، التمييز على اساس الديانة، التمييز على أساس الجنس، ...... وهكذا. ولكن عندما يكون الحديث عن التمييز على أساس العمر، نجد أن الجميع يغض الطرف وكأنه لا يسمع شيئاً عن هذا الموضوع ويتم تجاهل الموضوع. 

بما أننى المسئول عن التعيينات، وعلى الرغم من اعتراض مدير ادارة الموارد البشرية، فقد قمت بتعيين هذا الموظف الذى تجاوز سنه ال 53 عاماً. وكانت مفاجأة لهم مدى التجربة الغنية والاستفادة التى قدمها هذا الموظف فوق الخمسين للشركة كلها. لقد علمنا العديد من الأشياء التى تعلمها هو على مدار سنوات خبرته. 

إننا نعيش فى عصر الاهتمام بالشباب، ولكن فى خضم الأصوات التى تنادى ب "تخلص من القديم، وعليك بالجديد" يجب ان نتذكر انه لا يمكن شراء الخبرة من السوبر ماركت. ولا يمكنك ان تبحث عن الخبرة على جوجل. 

إن عمر الانسان لا يقلل أبداً من مقدرته على العمل الجاد، والمشاركة الفعاله والبناءة لشركته ومجتمعه. فليس معنى ان الانسان قد تجاوز الخمسين انه لم يعد قادر على الانجاز والعطاء ويجب عليه التقاعد والانزواء فى ركن بعيد عن العمل والمشاركة. 

من الخرافات السائده عن الموظفين اللذين تجاوزوا الخمسين: "لا يمكنهم تعلم الجديد، انهم ليسوا مبدعين، ليسوا منتجين مثل الأصغر سنا، العملاء لا يتجاوبون مع الموظفين الأكبر سنا". ولكن كل هذه الخرافات ليس لها أساس من الصحه، وقد بنيت على إفتراضات غير صحيحة. 

وتحكى كاتبة المقال عن رسالة تلقتها عبر البريد الالكترونى من سيده تجاوزت الخمسين عاما وتبحث عن وظيفة، تقول فيها صاحبة الرسالة: 

أثناء بحثى عن وظيفة، تلقيت العديد من المقابلات عبر الهاتف وكانت الأمور تسير على خير ما يرام، ولكن عندما نصل الى المقابلة الشخصية وجها لوجه فان الأمور كانت تسير بصورة سيئة. لقد كان يتم تصنيفى على ان مؤهلاتى أعلى مما تتطلبه الوظيفه . 

وكانت كلمة مخضرمة من الكلمات الشائعة التى اعتدت سماعها كنتيجة للمقابلات الشخصية. لقد أصبحت ال 30 عاماً من الخبرة التى أمتلكها سيف مسلط على رقبتى. وكرد فعل منى بدأت احذف من سيرتى الذاتيه سنة تخرجى من الجامعة، وكذلك بدأت احذف سنوات بداية تعيينى، وإنتهاء خدمتى فى الشركات السابقة التى عملت بها، كما أننى بدأت اصبغ شعرى لأدراى الشعر الابيض الذى بدأ يدب فى رأسى. وفى النهاية حصلت على وظيفة". 

إنه لشئ محزن أن يضطر إنسان أن يحذف سنوات عمره من السيرة الذاتيه، لكى يحصل على وظيفة. وإذا كان من السهل حذف سنوات الخبرة من السيرة الذاتيه، يكون هذا صعبا جداً عند التقديم فى الوظائف عبر الإنترنت حيث يتوجب عليك كتابه سنه بداية ونهاية التعيين فى أى شركة سابقة عملت بها. 

فى احد البحوث الألمانية، توصل الباحث أن الإنتاجيه تزيد فى أعمار الموظفين المتقدمة. وأكد البحث أيضاً على أن مهارات التواصل اللفظية، والولاء للشركة يزيد مع تقدم العمر. ودائماً ما تبحث الشركات عن التنوع لكى تعزز روح الإبتكار فى العمل، ولكن أى نوع من أنواع التعددية. هل التعددية بناء على الجنس، أو الأصول العرقية. ولماذا لا تكون التعددية بناء على العمر. 

إن الموظفين أصحاب المهارات والأكبر فى السن، دائماً ما يضيفون مستوى من التعددية داخل فريق العمل بجانب الموظفين الأصغر فى السن وهذا يؤدى الى حلول جيدة بالنسبة للعمل. إن المعرفة المؤسسية، والنضوج يحققان التوازن المثالى للموظفين فوق سن الأربعون عاما. لكنه مع الأسف عند عمل إعادة هيكلة للشركات، انظمة التعهيد او حساب اعداد الخريجين اللذين يلتحقون بسوق العمل. فإن معظم الموظفين فوق الأربعون عاماً، يعتبرون زائدين عن حاجة العمل. 

يجب علينا ان نبذل المزيد من الجهد للاستفاده من المهارات، المواهب، والخبرات التى يتمتع بها عدد ليس بالقليل من الموظفين اللذين تجاوزوا الأربعون أو الخمسون عاماً واللذين غالبا ما يتم اهمالهم، والتقليل من قيمتهم داخل المؤسسات. 

فى الأجيال السابقة كان العمر يتم تقديره واحترامه، ولكن فى عالم اليوم يتم النظر اليه بشئ من الازدراء. ولكن فى بعض المناصب القياديه العليا، يتم قبول من هم فوق الاربعين. ونلاحظ هذا فى مجال السياسة، وكذلك الإدارة حيث نثق دائماً فى حكم الأشخاص اللذين لديهم عقود من الخبرة. إن على معظم الاشخاص اللذين تجاوزوا الأربعون عاماً عليهم البقاء فى الوظائف التى يشغلونها ولا يتطلعون إلى المزيد، وهذا لمجرد أنهم قد وصلوا إلى هذه السن. 

إن هذا النوع من التمييز على أساس العمر يخلق جو غير مناسب لمحيط العمل وهذا يخلق حاله من الركود فى سوق العمل حيث أننا غير مستعدون للتغيير. 

يجب أن نُعلم الأجيال الصغيرة، قيمة إحترام الأجيال السابقة لما لهم من خبرات عظيمة فى مجالهم.


المصدر:
https://www.linkedin.com/pulse/employees-commodities-dont-depreciate-age-brigette-hyacinth/?trackingId=F5eoKMU3cXejEZzXAtSgIA%3D%3D

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق