2018-05-29

استخدام الحمض النووي DNA في تخزين البيانات الرقمية


استخدام الحمض النووي
في تخزين البيانات الرقمية



نمو حجم البيانات ووسائط التخزين:

يزيد حجم البيانات المنتجة 10 أضعاف كل خمس سنوات ، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو ولأننا لن نتوقف عن التقاط الصور وتسجيل الأفلام، وانتتاج البيانات في جميع مجالات الحياه .
فمن المتوقع  ان يصل حجم جميع البيانات الموجودة في العالم بحلول عام 2040 الى ثلاثة آلاف زيتابايت (Zettabytes) أي ما يعادل ثلاثة آلاف (1,000,000,000,000,000,000,000 bytes) والذى يساوى ثلاثة آلاف (10007 bytes) ,  هذا الكم الهائل من البيانات هو  المتوقع الوصول اليه ولذك لا بد من تطوير طرق تخزين وحفظ البيانات.
ولتوضيح حجم البيانات المشار اليها , فإذا جلست لمشاهدة ثلاثة آلاف Zettabytes (3 × 1024 بايت) من الفيديو بوضوح 4K ، فإنك تحتاج إلى ما يقرب من 50 مليار سنة من وقت !!!!
يقوم أي جهاز يستخدم ذاكرة محمولة بتخزين البيانات بإمكانية كهربائية الكترونيه في الترانزستورات الدقيقة المصنعة من رقائق السليكون.
وبالرغم من تضاعف عدد الترانزستورات لكل وحدة من السيليكون كل عامين تقريبًا منذ اختراعها، مع ذلك فإن الترانزستورات لديها حدود لحجمها الأدنى وكثافتها القصوى للتعبئة. لذلك فإن معدل انتاج البيانات يمكن أن يفوق مساحة التخزين التي يمكن تصنيعها.


في الوقت الحالي، يتم تخزين البيانات الرقمية في مكتبات ضخمة على شرائط ممغنطه بدلاً من السيليكون. ومقارنة بالسيليكون، وبالرغم من إن تقنيات الشريط المغناطيسي محدوده ولكنها الأقل تكلفة.
ويستوعب أكبر أرشيف من الشرائط  إكيزابايت  (exabyte)  اى ما يعادل (10006 bytes) ، لكن هذه الوسائط تستهلك كميات هائلة من المساحة ، وتكلف مبالغ كبيره لصيانتها ، وتستخدم كميات كبيرة من الطاقة ، وتحتاج إلى نسخ الأشرطة مرة واحدة كل 3 إلى 10 سنوات لضمان عدم ضياع البيانات بسبب تلف وسائط التخزين.

ما هو الحمض النوويDNA :

الحمض النووي  Deoxyribonucleic acid والمعروف اختصاراً باسم  DNA  هو الشفرة  التي تنتقل من جيل إلى آخر حاملة كل ما يلزم لبناء كائن حي كامل من النوع نفسه، الحمض النووي لشخص معين يحمل كل شيء متعلق به، لون العينين، مدى استطالة الوحه، شكل الاصابع، القدرة على هضم أنواع معينة من الطعام، القابلية للإصابة بارتفاع ضغط الدم أو السكر في الدم أو بعض أنواع الحساسية، وكذلك أغلب أنواع السرطانات.

يخزن الحمض النووي في جسم الانسان الواحد ما يكافئ 150 زيتابايت zettaBytes  والذى يساوى 150 (1,000,000,000,000,000,000,000 bytes) .
وعلى سبيل المثال للتوضيح فالبيانات الموجودة على مئات الآلاف من أقراص الفيديو الرقمية يمكن أن تخزن على حزمة الحمض النووي ذات حجم علبة الثقاب.


الحمض النووي هو طريقة الطبيعة لتخزين البيانات:

الحمض النووي DNA خلق لتخزين المعلومات الجينية ، والمخططات لبناء البروتينات والاحتفاظ بها , و يتم ترميز كل ميزة ووظيفة موجودة في التنوع الواسع للحياة على الأرض في سلسلة من الأحماض النووية التي توفر تعليمات للخلية.
تخزن الوسائط التقليدية مثل محركات الأقراص الصلبة أو أقراص DVD البيانات الرقمية عن طريق تغيير الخصائص المغناطيسية والكهربائية أو الضوئية لمادة لتخزين 0 و1 (النظام الثنائي)
لتخزين البيانات في الحمض النووي، فإن المفهوم هو نفسه، ولكن العملية مختلفة. جزيئات الحمض النووي هي سلاسل طويلة من جزيئات أصغر، تسمى النيوكليوتيدات   nucleotides(مركب يدخل في بناء الأحماض النووية) ويتكون من :

·       الأدينين Adenine
·       السيتوزين Cytosine 
·       الثايمين Thymine
·       الجرانين Guanine
وهى القواعد النيتروجينية الأربعة المكونة للأحماض النووية وعادة ما يتم كتابتها كـ A و C وT و G
وتحتوي كل خلية بشرية نموذجية على جينوم يتكون من حوالي 6 مليار زوج قاعدي للحمض النووي المزدوج الحلزوني ، ينقسم إلى 23 مجموعة من الكروموسومات (3 مليار زوج من الحمض النووي تقابل الكروموسومات في كل نصف المجموعة). يشفر الحمض النووي في هذه الكروموسومات حوالي 1.6 ججيجابايت من المعلومات.



طريقة تخزين البيانات:

وبدلاً من إنشاء تسلسلات من 0 و   1قيمتين فقط متوفرة مع البيانات الثنائية (واحد أو صفر) ، كما هو الحال في الوسائط الإلكترونية ، يستخدم الحمض النووي تسلسل النوكليوتيدات  للتخزين يأخذ إحدى القيم الأربع .     
هناك عدة طرق للقيام بذلك، ولكن الفكرة العامة هي تخصيص أنماط البيانات الرقمية لنواة النيوكليوتيدات.
على سبيل المثال، يمكن أن يكون 00 مساوياً لـ A و 01 مساوياً لـ C  و  10 مساوياً لـ T  و 11  مساوياً لـ  G  لتخزين صورة ، على سبيل المثال ، نبدأ بتشفيرها كملف رقمي ، مثل JPEG. هذا الملف في جوهره هو سلسلة طويلة من 0  و 1  لنفترض أن البتات bits  الثمانية الأولى من الملف هي 01111000 ؛ بمكن كسرها في أزواج - 01 11 10 00 - التي تتوافق مع C-G-T-A. هذا هو الترتيب المناسب للتعامل مع النيوكليوتيدات لتشكيل سلسلة الحمض النووي.
     

مراحل تطور الفكرة:

على مدى السنوات الماضية ، ظهرت العديد من التجارب التي تدل على صحة تكنولوجيا تخزين بيانات الحمض النووي والتي يمكن بها تشفير البيانات ، ثم فك تشفيرها بكفاءة لاسترداد البيانات الأصلية.
في عام 1999 ، تم تشفير سجل تخزين بيانات الحمض النووي ببضع كلمات
في يوليو 2016 ، حددت مايكروسوفت وجامعة واشنطن سجلاً جديدًا لسعة تخزين بيانات الحمض النووي ، لترميز وفك شفرة 200 ميجابايت من البيانات بدقة تامة ، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأكثر من 100 لغة!
في مارس 2017 ، تم نشر  ورقة بحثيه نشرت في مجلة ساينس (Science) تتحدث عن استخدام توليف النكليوتيد nucleotides لتعيين سجل تخزين البيانات من خلال دمج تقنية تشفير البيانات التي تستخدم عادةً لبث فيديو مباشر دقيق عبر الإنترنت.
ويعتبر هذا البحث بداية العمل على تطوير طرق التخزين الجديدة استخدام خلايا الحمض النووي وطرق تشفيره.


كفاءة الـ DNA في حفظ البيانات الرقمية:

في الوقت الذى نضطر الى إعادة نسخ البيانات للحفاظ عليها والمخزنه على الوسائط التقليديه ,تشير تقارير في موقع نيو ساينتست إلى أن البيانات المخزّنة باستخدام خلايا الـ  DNAيمكن أن تبقى في حاله جيده نحو 2000 عام إذا حُفظت في حرارةٍ مقدارُها 10 درجات مئوية، أما إذا حُفظت في حرارة مقدارها -18 درجة مئوية فستزيد فترةُ البقاء لتصل إلى مليونَيْ سنة. وفوق ذلك يستطيع جرامُ الحمض النوويِّ الواحدُ حفظَ نحو 455 إكسابايت من البيانات اى ما يعادل 455 (10006 bytes)  .


كيفية تخزين البيانات على الحمض النووي

تستخدم الكواشف (المواد الكيميائية) اللازمة لإضافة قاعدة جديدة إلى جزيء  DNA، يمكن أن يتم حساب التكلفة النظرية لكل بايت لتخزين البيانات على أساس الحمض النووي بناءاً على سعر الكواشف (المواد الكيميائية) اللازمة لإجراء التفاعلات الكيميائية لإضافة قاعدة جديدة إلى جزيء DNA.

التطبيق العملي والعقبات  والمستقبل:
أعلنت شركة مايكروسوفت أنها نجحت في تخزين 200 ميجابايت من البيانات داخل حمض نووي، وهو رقم قياسي في استخدام هذا النوع من وسائط التخزين في الوقت الحالي، لكن إحدى العقبات الأساسية التي تواجه العلماء في هذا الصدد هي تحويل البيانات الرقمية من وحدة البايت إلى شفرة الحمض النووي المتكونة من سلاسل تسمى نيوكليوتيدات

تحويل البيانات الرقمية من وحدة البايت إلى شفرة الحمض النووي صعب، لأنها عملية تتطلب استخدام حمض نووي صناعي. خلال تطبيق عملية التخزين، استخدمت شركة مايكروسوفت نحو 13.5 مليون عينة DNA مصنّع، وتكلفة شراء تلك الكمية قد تصل إلى 800 ألف دولار أمريكي.


تتعاون شركة مايكروسوفت مع العديد من المعاهد البحثية لتطوير طريقة أخرى تعتمد على الإنزيمات، وهي طريقة مشابهة لما تفعله أجسادنا لإنتاج الـDNA  ، ومن المنتظر أن تظهر نتائج طيبة لتلك التجارب في تقدم عملية التخزين.


الخلاصة:

معدل التزايد الكبير لحجم البيانات والمعلومات الرقمية المنتجة وبشكل يومي يعطى مؤشرات الى ضرورة تطوير وسائل جديده يمكن ان تستوعب تخزين هذه البيانات.
الدراسات والأبحاث اثبتت أت الحمض النووي في جسم الانسان وسيله لتخزين حجم هائل من البيانات والمعلومات تتيح تخزين كل البيانات المنتجة حتى الآن على جرامات قليله من الحمض النووي في حجم علبة الكبريت.
الحمض النووي له صفات تجعله الأفضل كوسيلة تخزين آمنه لها عمر افتراضي طويل ,والعقبات في استخدامه هو ارتفاع تكلفة المواد الكيمائية المستخدمة في عملية توليف البيانات المخزنة والبطء في إتمام هذه العملية.
تتعاون الشركات التجارية مع مراكز الأبحاث العلمية لتطوير طرق جديده تتيح إمكانية انتاج وسائل تخزين تعتمد على الحمض النووي ويسهل التعامل معها مع مراعاة البعد الاقتصادي.
الحمض النووي هو وسيلة تخزين البيانات الرقمية في المستقبل القريب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق