إدارة الأعمال - الجزء الأول

مبادئ إدارة الأعمال

من هو المدير:

البعض يقول أن القادة هم من يفعلون الشيئ الصحيح، بينما المديرون هم من يفعلون الشيئ بطريقة صحيحة (Leaders do the right things, while managers do things right). المديرون يعملون دائماً على تحقيق أهداف الشركة مستخدمين فى ذلك الأشخاص، والموارد المتاحة بكفاءة، وفعالية.

هذا الدور يتضمن التخطيط، التنظيم، القيادة، والرقابة. الأدارة معنية فى الأساس بتحديد الاتجاه الذى ستسلكه الشركة او المؤسسة. الدرجة التى يؤدى بها المدير مهام التخطيط، التنظيم، القيادة، والرقابة تختلف حسب مستوى الأدارة او مستوى المدير.

الصفات التى يجب أن يتحلى بها المدير:

•     نظرة واسعة وشاملة لكل أهداف الشركة.
•     أن يكون مرنا، ويتكيف مع الظروف الطارئة والمتغيرة.
•     القدرة على التواصل مع الأخرين.
•     فهم كامل لطبيعة عمل الشركة.
•     القدرة على العمل  كفريق.
•     الوعى التام باخلاقيات وقيمة العمل.

مستويات الإدارة:

فى الشركات الكبرى، يكون هناك ثلاثة مستويات من الإدارة. الإدارة العليا، الإدارة المتوسطة، ومديرين الصف الأول (المشرفين). إن مصطلح المشرفين يمكن ان يطلق على أى شخص مسئول

 عن تقديم تقارير إلى مستوى إدارى أعلى منه، ولكنه غالبا ما يطلق على مديري الصف الأول (front-line managers).

الإدارة العليا (Upper management):
ويقضى مديروا هذا الطبقة معظم وقتهم فى اعمال التخطيط والمراقبة. ونتيجة لهذا فهم لا يلتفتون كثيراً إلى إدارة الأعمال الروتينية اليومية. فهم يركزون اهتمامهم على الشركة ككل. وأكثر ما يشغلهم هو التخطيط الأستراتيجي، والاهداف بعيدة المدى. واختصارا فهم مسئولون عن الاداء العام للشركة.

الإدارة المتوسط (Middle management):
الإدارة المتوسطة تكون عادة مسئولة عن إدارة ما أو تقوم بدور مهم وفعال فى إدارة ما. مديرو الإدارة المتوسطة يرفعون تقاريرهم إلى الإدارة العليا، بينما يتلقون التقارير من طبقة مديري الصف الأول (front line managers).

          بينما نجدهم لا يشتركون فى الأعمال اليومية الخاصة بالإدارة، نجدهم على دراية تامة بالمهام التى يتم تنفيذها حالياً، ومشاركون دائماً فى اتخاذ القرارات التى تؤثر فى هذا النشاط. وتكون مسئولية مديري الإدارة المتوسطة هى تعزيز، وتنفيذ كلا من أهداف ورؤية الإدارة العليا.

مديرو الصف الأول - المشرفين (Front-line managers or Supervisors): 
هم اول مستوى من الإدارة فى الشركة. هم المستوى الادارى الوحيد فى الشركة الذى يتولى إدارة أفراد غير مديرين (managing non-managers)، ولهذا تجدهم يكرسون معظم وقتهم فى الأعمال التى تختص بالقيادة، والرقابة. وهو متغلغلون فى الاعمال اليومية بالإدارة التابعون لها، وهم أكثر قربا من الموظفين وأكثر احتكاكا بهم، ويعملون معهم على تحقيق اهداف الشركة.

مديرو الصف الأول (المشرفين) مسئولين عن التقدم، والانتاجية فى تقاريرهم المباشرة التى يرفعونها للمستوى الأدارى الأعلى منهم. فهم مسئولون عن تحديد المهام الوظيفية،

مديرو الصف الأول (المشرفين)، هم حجر الزاوية بالنسبة لأى شركة. فهم اللذين يربطون بين الموظفين وبين الإدارة العليا والمتوسطة نتيجة لأحتكاكهم اليومى بالموظفين. فهم اللذين يتحملون الضغط من الجانبين، وبدون حجر الزاوية هذا فأن النظام العام للشركة ككل قد يتعرض للأنهيار.

نظريات علم إدارة الاعمال:

          يوجد العديد من الأشخاص اللذين ساهموا بشكل فعال ومؤثر فى وضع نظريات علم إدارة الاعمال، منهم على سبيل المثال: فردريك تيلور، فرانك و ليليان جلبرت، هنرى جانت، هنرى فويل، ماكس ويبير، وأخيرا ألتون مايو.

سنستعرض فى هذا الجزء فى عجالة اهم النظريات التى قدمها كل منهم، وساهمت فى تطوير علم إدارة الأعمال.

فردريك تايلور (1856-1915):

          وهو من بدأ عصر الإدارة الحديثة (era of modern management). فقد دعا إلى تغيير النظام القديم فى إدارة الأشخاص إلى نظام الإدارة العلمية (Scientific Management)، وأستبدل النظام القديم المعروف (بحكم التجربة Rule of thumb) بنظريته عن الإدارة العلمية. فقد آمن تايلور بأنه يمكن زيادة المنتجات الصناعية عن طريق ترشيد الخطوات اللازمة للأنتاج فيما يعرف بأسم الكفاءة الانتاجية. أو بمعنى آخر تطوير أسلوب علمي لكل عنصر من عناصر العمل ليحل هذا التحليل العلمي والموضوعى محل الطريقة التخمينية والتجريبية في الأداء والعمل التي طالما استعملت في المعامل والمصانع.

أهم المبادئ التى نادى بها تايلور لتطوير إدارة الاعمال:

1.     البحث عن افضل الطرق لأداء وظيفه ما (one best way). والتطوير العلمى لكل عنصر من عناصر العمل ليتم أداؤه بأفضل واحسن صورة ممكنه ليحل مكان نظرية الخبره (Rule of thumb) السابق العمل بها.

2.     الأختيار العلمى للعمال فى المصانع، والعمل على تعليمهم، وتدريبهم بأستمرار لرفع مستوى أداؤهم.

3.     وضع نظام لتحفيز العمال، يتناسب مع نسبة أنتاجيه العامل وليس عدد ساعات العمل.

4.     التعاون الوثيق والمتقارب بين الإدارة وبين العمال، حيث نادى تايلور بمبدأ التخصص. فالإدارة مسئولة عن التخطيط والتنظيم والأشراف، بينما يقوم العمال بالعمل الحقيقى.

فى نهاية القرن التاسع عشر الميلادى، كان هناك نقص فى الايدى العاملة، وللتغلب على هذا النقص وزيادة القدرة الأنتاجيه كان يجب تحسين كفاءة القوة العاملة أى تكون اكثر انتاجيه بدون زيادة اعداد العمال. وقد آمن تايلور بأنه لزيادة الكفاءة الانتاجية، يجب أن يقوم المديرون بادارة العملية الانتاجية بأنفسهم.

          وأولى الخطوات لتطبيق هذا كانت عن طريق عمل دراسات على الزمن والحركه عرفت بأسم Time and Motion study، وهذه الدراسات كانت تقوم بملاحظة العمال وتقوم بتحليل كل خطوة يقومون بها لأنجاز عمل معين اخذا فى الأعتبار عامل الوقت والجهد المبذول لأتمام هذا الجزء من العمل. وفى نهاية هذه الخطوات يتم أستنتاج ما يعرف بـ الطريقة الامثل لأتمام العمل (One best way). وهى الطريقة الوحيدة والامثل لأنجاز مثل هذه الجزئية من العمل، ويتم تدريب العمال على استخدام هذه الطريقة دون غيرها.

          وكمثال على تأثير تطبيق نظريات تايلور، فى مصنع الصلب الذى كان يعمل به، في جزئية مناولة الحديد الخام وتفريغه من العربات زاد الإنتاج من 2 طن إلى 10 طن في الساعة وانخفضت التكاليف من 27 سنت إلى 8 سنت للطن. وفي إحدى شركات الصلب زاد الأنتاج في بعض العمليات من 12 إلى 48 طن في اليوم وانخفضت التكاليف من 10سنت إلى 4 سنت للطن.

وقد تركت مبادئ تايلور فى علم الإدارة العديد من الآثار الإيجابية، والسلبية أيضا:

فعلى الجانب الإيجابى: فقد خلق أسس التخصص على مستوى المهام الوظيفية Task allocation، تقسيم العمل إلى أجزاء صغيره يمكن تعلمها واداؤها بسهوله وكذلك وضع الطرق الأمثل لأداء هذه الجزئيات من العمل.

وقد ساهمت نظريات تايلور فى تأسيس علوم الهندسة الصناعية، مراقبة الجودة، و إدارات شئون العاملين.

وعلى الجانب السلبي: كان يُنظر لنظريات تايلور على انها غير أنسانية بالنسبة للعمال.  فهذه الأجراءات لم تترك الفرصه للعمال لأى مجال للتفكير أو الأبداع.

جيلبرت و جانت:

          فرانك جيلبرت (1868-1924)، ليليان جيلبرت (1861-1919). وكذلك هنرى لورانس جانت (1861-1919) من الرواد فى هذا المجال، قدموا العديد من المبادئ فى مجال إدارة الأعمال.

قام الزوجان جيلبرت بعمل دراسات تتعلق بنظرية كفاءة الحركة Motion efficiency، توحيد الأعمال job standardization، نظام الحوافز وخطط الأجور، وكذلك تبسيط الاعمال job simplification.

كانت ليليان جيلبرت أول من أعترف بتأثيرات التعب والأجهاد على أدارة الوقت.

بينما يُعرف جانت على أنه الأب لعلم إدارة المشاريع Project management وهو من اخترع نظام Gantt chart المعمول به حتى الآن لتنظيم وأدارة المهام Tasks فى اى مشروع.

ماكس ويبر ونظرية بيروقراطية الإدارة:

ماكس ويبر (1864-1920) كان فى الأصل عالم اجتماع، قام بتطوير العديد من المبادئ المتعلقة بالبيروقراطية المثالية، وتشمل التالى:

1.     التسلسل الهرمى للسلطة.

2.     عدم الشخصنة Impersonal.

3.     قواعد السلوك written rules of conduct.

4.     التقدير أعتماداً على الأنجاز Promotion based on achievement.

5.     التخصص فى تقسيم العمال Specialized division of labor.

6.     الكفاءة Efficiency.

          لقد أقترح ويبر أن تقوم الشركات بتطوير خطوات لإجراءات التشغيل تكون شاملة وتفصيلية لكل أجزاء العمل Routine tasks. لقد آمن ويبر بان تصميم أى شركة على أساس عقلانى يسمح للأهداف بان تتحقق بكفاءة.

          إن تنظيم الأدارات فى شكل متسلسل هرمى، يسمح للمعلومات بأن تسير إلى أعلى قمة السلسلة الهرمية، كما يسمح للتعليمات بأن تنتقل إلى أسفل التسلسل الهرمى.

          إن الإجراءات فى أى شركة أو مؤسسة تكون منظمة عن طريق قوانين لا تخضع للأهواء الشخصية Impersonal rules، وتحدد بدقة الواجبات، المسئوليات، الإجراءات الموحدة، وسلوك شاغلى الوظائف.

          الوظائف تكون عالية التخصص، الحصول على هذه الوظائف يكون وفق واجبات محددة. هذا التوصيف الدقيق والمثالى لواجبات كل وظيفة يسمح للشركة أن تحقق أهدافها بكفاءة.

فويل ونظرية أدارية الإدارة (Administrative Management):

          هنرى فويل (1841-1925)، ركز فى دراساته على ادارة مجموعات كبيرة من الأشخاص وليس على أداء الشركات والمؤسسات. لقد ركز فويل على الواجبات الشخصية للأدارة. وأهم مبادئ فويل فى الإدارة هى:

     1.     التخطيط Planning، يجب وضه خطة من الأجراءات لتحقيق اهداف الشركة.

     2.     التنظيم Organizing، التأكد من أن الخامات والموارد متوافرة لتحقيق أهداف الشركة.

     3.     الأوامر Commanding، لتوجيه الموظفين.

     4.     التنسيق Coordinating، التأكد من أن الموارد والنشاطات تعمل معا من اجل تحقيق الأهداف.

     5.     الرقابة Controlling، متابعة ومراقبة خطط العمل للتأكد من تحققهم.

بالأضافة للمبادئ الخمسة السابقة، قام فويل بوضع 14 محور أساسى لممارسات الإدارة الفعالة، وهى تؤسس لأذكاء روح العمل كفريق وأهمية المبادرات الشخصية للشركات الناجحه فى أن تحقق اهدافها. وهذه المبادئ هى:

1. تقسيم العمال بناء على التخصص.
2. السلطة والمسئوليات.
3. قواعد السلوك.
4. وحدة الأوامر.
5. وحدة التوجيهات.
6. تبيعة المصلحة الفردية إلى المصلحة العامة.
7. أجور وعائدات الموظفين.
8. المركزية فى الإدارة.
9.  حدود السلطة.
10. النظام.
11. العدل والانصاف.
12. الأستقرار الوظيفى.
13. المبادرة.
14. روح التضامن.

مايو وادارة العلاقات الانسانية:

ألتون مايو (1880-1949)، لقد فندت التجارب التى أجراها -فى محطة كهرباء هيثرون- العديد من نظريات تايلور. لقد بدأ تجربته بدراسة تأثير الأضاءة على أنتاجيه العمال. وعندما لم يصل إلى نتائج محددة بدأ فى النظر إلى عوامل أخرى قد تؤثر على أنتاجية العمال.

لقد عدل من تجربته لتشمل مجموعة من النساء وقام بتغيير الظروف المحيطة بهم التى اعتادوا ممارسة العمل فيها. هذه التغييرات شملت فترات الراحة، التغذية، تغيير فترات العمل اليومية والأسبوعية. الانتاجيه بدأت فى التزايد على الرغم من التغييرات. وفى النهايه تم أعادة العاملات إلى ظروفهم الطبيعية فى العمل وعلى الرغم من هذا ما زالوا يحققوا رقما مميزاً فى الانتاج.

لقد آمن مايو بأن تجربته هذه قد دحضت ثلاثه من مبادئ تيلور، كالتالى:

•    المرأة أصبحت جزء من فريق العمل. وقد أصبحت ديناميكية فريق العمل أفضل وقد أثر هذا بالايجاب على الانتاجية. عكس ما كان ينادى به تيلور من one best way.
•    لقد غيرت المرأة من طريقتهم فى اداء العمل وذلك لتجنب الملل. ولم يكن لهذا أى تأثير على الأنتاجية.
•    المجموعة التى تمت عليها الدراسة لم تتم مراقبتها أو أدارتها باى وسيلة، إنما تركت على طبيعتها. وهذه الحرية أيضاً لم تؤثر على الأنتاجية وكفاءة العمل.

إن مبادئ ديناميكية العمل، العمل الجماعى، و المسئولية الأجتماعية للشركات كلها مستمدة من نظريات ومبادئ ألتون مايو فى الإدارة.

تابع الجزء الثانى