2012-12-26

دورة حياة المعلومات - الجزء الثانى


انطلاقا من هذه الفكره البسيطه بدا اصحاب هذا الاتجاه يخططون لتشييد منظومه متكامله من المفاهيم والادوات والسياسات والنظم والتكنولوجيات والمنتجات والبرامج الجديده التي يمكن تقديمها للموسسات كحزمه متكامله ومترابطه‏,‏ يمكن تطبيقها علي جبال المعلومات الرقميه الموجوده لديها‏,‏ والتي يتزايد حجمها بسرعات عاليه وبدات العقول تحار في كيفيه ادارتها والسيطره عليها‏,‏ بحيث تقدم هذه المنظومه منهجا واقعيا وفعالا وسريعا وشاملا‏,‏
يستطيع في وقت قياسي وبتكلفه معقوله جدا ان يبني لكل معلومه في هذه الجبال الرقميه دوره حياه رقميه تحدد مكان تخزينها وكيفيه الوصول اليها ودرجه اهميتها ونمط تغير قيمتها عبر الزمن‏,‏ وتوقيتات تنقلها او تحريكها في سلم الاولويات ونظام ترحيلها شيئا فشيئا من صداره نظام العمل الي المستويات الادني في الاهميه حتي النقل للارشيف‏,‏ ثم محوها وازالتها‏,‏ وفي الوقت نفسه تكون دوره الحياه غنيه بالمرونه والتنوع والقدره علي التفاعل التلقائي مع بيئه العمل والمعلومات الاخري المحيطه بها حسب طبيعه التطور في دوره حياتها‏.‏

وللتوضيح فانه لو كانت هناك شركه اتصالات مثلا تعاني من مشكله تضخم البيانات والمعلومات‏,‏ واجرت دراسات ووجدت ان المشكلات المتعلقه بسداد الفواتير تحدث في اول‏60‏ يوما تاليه علي اصدار الفواتير‏,‏ ثم بعد ذلك تقل تلك المشكلات الي النصف‏,‏ ثم تختفي تقريبا بعد نحو عام‏,‏ فانه مع تطبيق مفهوم اداره دوره حياه المعلومات يمكن لهذه الشركه وضع المعلومات الخاصه بالفواتير في نظم التخزين ذات الاداء الاعلي والاقرب للتناول خلال الشهرين الاولين‏,‏ وبعد ذلك تنقلها تلقائيا للخلف لنظام تخزين اقل في التكلفه والاداء بعيدا عن الواجهه‏,‏ وبعد فتره اخري تقوم بترحيلها الي الارشيف الاكثر قله في تكلفه وادني في الاهميه وفيما بعد تقوم بالغائها كليه حينما تختفي مبررات التعامل معها وتنقضي الفتره القانونيه لوجودها‏.‏

هذه الفكره البسيطه تقودنا مباشره الي القول بان مفهوم اداره دوره حياه المعلومات يتطلب من الوهله الاولي مدخلا مختلفا للتعامل مع قضيه تخزين واداره البيانات‏,‏ لان السعي لاقامه دوره حياه لكل معلومه يعني تلقائيا ان القرار لم يعد قرار مسئولي اداره تكنولوجيا المعلومات في الموسسه او مسئولي نظم التخزين‏,‏ ولكنه قرار اصحاب المعلومات ومستخدميها بالاساس داخل الموسسه باعتبار انهم الذين ينتجون المعلومات‏,‏ ويدفعون بها لنظم التخزين‏,‏ ثم يعودون لاستخدامها بنمط استخدام معين وما علي المتخصصين سوي تحويل هذه الانماط من الاستخدام الي اوامر ومعايير في التخزين‏.‏

ولان كل شخص في الموسسه او المنشاه يساهم بدور ما في انتاج وتوليد واستخدام المعلومات طبقا للمهام الموكله اليه بحكم وظيفته‏,‏ فبالتالي فان كل العاملين بالشركه والموسسه وليس متخصصو تكنولوجيا المعلومات فقط مدعوون تلقائيا للمشاركه منذ البدايه في وضع لمساته علي شكل دوره الحياه المزمع انشاوها للمعلومات‏,‏ الامر الذي يجعل تطبيق المفهوم مرتبطا بشده بفلسفه العمل بالموسسه واهدافها ونظمها الاداريه والانتاجيه ودورات العمل بداخلها ودوراتها المستنديه وعلاقاتها مع شركائها في العمل بالخارج وعلاقاتها مع زبائنها وعملائها او من تقدم لهم الخدمه او المنتج واللوائح والقوانين التي تنظم عملها‏,‏ ويكون لها تاثير او ارتباط ما بكيفيه اداره المعلومات‏,‏ ويتطلب غالبا اعاده هندسه وتغيير في نظم العمل بدرجه او باخري‏;‏ لتصبح مهياه لتقبل المفهوم الجديد‏.‏

ولو اخذنا انماط التخزين السائده حاليا كمثال‏,‏ سنجد ان معظم الموسسات تخزن جزءا من بياناتها ومعلوماتها علي اشرطه ومعلومات اخري علي اقراص مدمجه وتفاصيل عملائها في قواعد بيانات مختلفه ومراسلاتها المهمه في ارشيف البريد الالكتروني بشكل يتوزع علي ادارات مختلفه ويرتبط بعمليات اداريه وتنظيميه سائده داخل الموسسه عاده ما تكرس مفاهيم التجزئه وانغلاق الادارات المختلفه علي نفسها بما تملكه من معلومات وبيانات‏,‏ الامر الذي يدفع الامور نحو تكرار الكثير من البيانات بصور مختلفه في اماكن مختلفه‏,‏ وفي المقابل فان مفهوم اداره دوره حياه المعلومه يقتضي تغيير هذه الاوضاع الاداريه وما يرتبط بها من انماط سائده في تخزين واداره البيانات‏,‏ بحيث يتم بناء نمط جديد من العلاقات الاداريه والتنظيميه فيما بين الادارات وبعضها البعض بالتزامن مع توحيد نظم التخزين‏.‏

في ضوء ذلك يعرف دعاه هذا الاتجاه اداره دوره حياه المعلومات بانها مزيج متكامل من السياسات والعمليات والممارسات الاداريه والادوات المختلفه يستخدم في الحصول علي افضل قيمه من المعلومات المتاحه بدءا من لحظه نشاتها وحتي التخلص منها بافضل بنيه اساسيه لتكنولوجيا المعلومات باقل تكلفه ممكنه‏.‏

والخلاصه ان هذا التعريف يهتم بعده نقاط اساسيه.
          الاولي‏:‏ ان اداره دوره حياه المعلومات ليست تكنولوجيا ولكنها خليط من العمليات والتكنولوجيات التي تحدد كيف تتدفق او تمر البيانات عبر بيئه ما‏.‏..

          والثانيه‏:‏ ان التكلفه عامل مهم للغايه‏,‏ لذلك فهو يربط بين الحصول علي قيمه اقتصاديه للمعلومات وبين تحمل اقل قدر من التكلفه في انشاء البنيه الاساسيه المعلوماتيه المطلوبه ليس في مجال تخزين واداره المعلومات فقط‏,‏ ولكن في مراحل المعالجه والنقل والتوزيع وغيرها‏.

          والثالثه‏:‏ انه يمزج بشكل كامل بين الاهداف التي تضعها الموسسه لنفسها وبين البنيه الاساسيه المعلوماتيه لديها‏,‏ مما يستدعي ترجمه الاهداف الي سياسات تنفذ داخل الشبكات والحاسبات واوعيه التخزين وغيرها من مكونات البنيه المعلوماتيه‏.‏

هنا يصبح التساول‏:‏ كيف يمكن تنفيذ هذا التصور عمليا ؟

هناك تعليق واحد: